مال و اعمال

الاقتصاد الأميركي أمام مفترق طرق: تحديات الفيدرالي الأمريكي في ظل ضغوط سوق العمل

يشهد الاقتصاد الأميركي مرحلة حرجة مع استمرار الضغوط على سوق العمل واستقرار مؤشرات التضخم، حيث يواجه الفيدرالي الأمريكي تحديات كبيرة في إدارة السياسة النقدية، وسط مؤشرات تدهور سوق العمل وعدم تحسن البيانات منذ سبتمبر.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أكد أن المسار النقدي الحالي محفوف بالمخاطر، وأن البنك قد يوقف قريبًا عملية تقليص الميزانية العمومية، في خطوة تعكس التوازن بين استقرار الأسعار والتوظيف.

سياسة الفيدرالي أمام مفترق طرق

أوضح باول خلال اجتماعه مع الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال في فيلادلفيا أن البيانات الرسمية للوظائف غائبة نتيجة الإغلاق الحكومي، لكن الأدلة المتاحة تشير إلى استمرار معدلات التسريح منخفضة، وتراجع نظرة الأسر لتوافر الوظائف، وصعوبة التوظيف لدى الشركات.

هذه العوامل تعكس ضغوطًا على سوق العمل تؤثر على اتخاذ قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.

وأشار باول إلى أن مؤشرات التضخم مستقرة نسبيًا، لكن الرسوم الجمركية المستمرة تزيد الضغوط التضخمية، ما يدعم توقعات المستثمرين بخفض محتمل لأسعار الفائدة هذا الشهر.

وأضاف أن مسار السياسة النقدية يعتمد على البيانات القادمة وتقييم المخاطر، مؤكدًا أن “لا يوجد مسار خالٍ من المخاطر للسياسة النقدية”.

التحدي المالي لتقليص الميزانية العمومية

بدأ الفيدرالي منذ 2022 بتقليص ميزانيته العمومية، وهي عملية تهدف لتقليل حجم الأصول التي امتلكها البنك خلال برامج التحفيز المالي بعد جائحة كورونا. هذه الخطوة تعرف باسم “التشديد الكمي”، وكانت الفكرة أن تنخفض احتياطيات البنوك تدريجيًا لتقليل السيولة الفائضة في السوق.

لكن باول أشار إلى أن انخفاض احتياطيات البنوك خلق ضغوطًا تمويلية في الأسواق المالية، وأن البنك قد يصل قريبًا إلى المستوى الذي يراه مناسبًا لتوقف تقليص الميزانية العمومية.

وقال: “خطتنا المعلنة منذ فترة طويلة هي التوقف عن خفض الميزانية العمومية عندما تكون الاحتياطيات أعلى بقليل من المستوى الذي نراه متوافقًا مع ظروف احتياطية وفيرة”.

كما أقر بوجود “بعض العلامات” على التشديد التدريجي، مؤكدًا أن اللجنة تتبع نهجًا حذرًا لتجنب الضغوط التي شهدتها الأسواق في سبتمبر 2019 خلال ما يعرف بـ “نوبة التقليص”.

تأثير قرارات الفيدرالي على الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية

قرارات الفيدرالي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية من عدة جوانب:

سوق العمل

تؤثر أي تغييرات في السياسة النقدية على فرص التوظيف واستقرار الرواتب، خاصة في القطاعات التي تعتمد على التمويل، مثل العقارات والشركات الصغيرة. قرارات الفيدرالي تشكل مؤشرًا للشركات حول قدرة الاقتصاد على النمو، ما يؤثر على خطط التوظيف وزيادة الرواتب.

التمويل والاستثمار

انخفاض أو تثبيت أسعار الفائدة يشجع الشركات على الاستثمار والمشاريع الجديدة، بينما أي رفع مفاجئ يزيد تكلفة القروض ويضغط على الأسواق المالية. المستثمرون يستخدمون بيانات الفيدرالي لتحديد استراتيجيات الاستثمار وتعديل المحافظ المالية.

التضخم ومستوى الأسعار

التضخم المستمر يتطلب موازنة دقيقة لتجنب زيادة الأسعار بشكل يفوق قدرة المستهلكين. التغيرات في السياسات التجارية والرسوم الجمركية تزيد الضغوط التضخمية، ما يعقد مهمة الفيدرالي في الحفاظ على استقرار الأسعار.

توقعات الأسواق

المستثمرون يتابعون بيانات الوظائف والإنفاق الاستهلاكي لتوقع خطوات الفيدرالي القادمة، ما يجعل كل بيان اقتصادي مؤثرًا مباشرة على أسواق الأسهم والعملات والسندات.

الموازنة بين النمو واستقرار الأسعار

الفيدرالي يسعى لتحقيق التوازن بين تحفيز النمو وخلق الوظائف، وبين ضبط التضخم للحفاظ على استقرار الأسعار، مما يجعل كل قرار نقدي محفوفًا بالمخاطر.

السيناريوهات المستقبلية

مع استمرار الضغوط على سوق العمل واستقرار التضخم، قد يشهد الشهر المقبل:

  1. توقف الفيدرالي عن تقليص الميزانية العمومية.
  2. إبقاء أسعار الفائدة مستقرة أو خفضها بشكل محدود لتحفيز التوظيف.
  3. مراقبة مؤشرات التوظيف الجديدة عن كثب قبل اتخاذ أي خطوة كبيرة.

كل هذه السيناريوهات تعكس محاولة البنك المركزي التوازن بين هدفين متضادين: تحفيز النمو الاقتصادي وضبط التضخم.

ختاما

سيظل الفيدرالي الأمريكي أمام تحديات كبيرة في الأشهر المقبلة، مع ضرورة موازنة السياسة النقدية بين الاستقرار المالي وتوفير فرص العمل. القرارات القادمة ستحدد مسار الاقتصاد في الولايات المتحدة خلال فترة حاسمة، وستبقى الأسواق العالمية تترقب أي تحرك نقدي يؤثر على الاستثمار والتوظيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى